مفاوضات سورية وإسرائيل: حظوظ النجاح ومكامن الفشل

مفاوضات سورية وإسرائيل: حظوظ النجاح ومكامن الفشل _44680646_2258_golan_b

المباحثات السورية الإسرائيلية طريق مليء بالعراقيل

كان الإعلان عن مفاوضات غير مباشرة وبإشراف تركي حدثا في حد ذاته في تاريخ العلاقات الإسرائيلية السورية.
ولكن عدا هذه السابقة -التي تزامنت مع الإعلان عن التوصل إلى اتفاق تسوية لأزمة ذات صلة: أزمة لبنان- والمفاجأة النسبية التي أحدثتها، يحجم معظم المراقبين عن الإفراط في التفاؤل لعدة أسباب يمكن إجمالها تحت خانات التاريخ والجغرافيا والسياسة.
حصن طبيعي
على الصعيد الجغرافي تمتد خريطة الصراع السوري الإسرائيلي المباشر على 1250 كيلومترا مربعا هي الجزء الذي تحتله إسرائيل من هضبة الجولان السورية.
وتكمن أهمية هذه المنطقة في بعدها الاستراتيجي فهي تشرف تماما على مساحات شاسعة شمال إسرائيل، كما تعد بوابة جنوبية تفتح السبيل إلى العاصمة السورية دمشق.
ويعزز هذه الأهمية العسكرية بعد اقتصادي لا يمكن تجاهله.
فهضبة الجولان المحتلة توفر لإسرائيل نسبة 50 في المائة من الماء المعدني و40 في المائة من لحم البقر و21 في المائة من الخمور.
ويسهر على استثمار هذه الموارد 18 ألف مستوطن يهودي يقيمون في 33 مستوطنة، ويعيشون إلى جانب 17 ألفا من عرب المنطقة هم كل من ظل بالجولان المحتل من مجموع 100 ألف ونيف.
معظم هؤلاء -وهم من الدروز في غالبيتهم- رفض الحصول على الجنسية الإسرائيلية.
ستون عاما من التوتر
وقد نزح معظم السكان العرب عن المنطقة بعد الاجتياح الإسرائيلي خلال حرب الأيام الستة في يونيو/ حزيران 1967.

مفاوضات سورية وإسرائيل: حظوظ النجاح ومكامن الفشل _44677572_golan00

الخلاف حول الانسحاب الإسرائيلي من الجولان أدى لفشل المفاوضات السابقة

وكانت إسرائيل تطمح إلى اجتياح الهضبة لسهولة استخدامها في قصف عدد من المناطق الإسرائيلية مدفعيا، كما حدث منذ عام 1948.
وحاولت سوريا استرجاع المنطقة بمساعدة مصرية خلال حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973.
لكنها لن تتمكن سوى من استرجاع مدينة القنيطرة، في العام 1974 وبموجب هدنة -اتفاقية فك الاشتباك حسب تعبير آخر- أشرفت عليها الأمم المتحدة أقيمت بموجبها كذلك منطقة عازلة. وترفض السلطات السورية إعادة بناء ما دُمر من مدينة القنيطرة -التي تعتبرها مدينة شهيدة- حتى ينسحب الإسرائيليون تماما من هضبة الجولان.
وفيما يبدو إصرارا من إسرائيل على إظهار تشبثها بالهضبة، أعلنت ضمها من جانب واحد في العام 1981.
وامتد الصراع السوري الإسرائيلي بعد ذلك ليقتحم الحرب الأهلية اللبنانية في العام 1982 إبان الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان.
وفي العام الماضي أغارت طائرات عسكرية على موقع بسوريا قالت الولايات المتحدة إنه منشأة نووية أقامتها دمشق بالتعاون مع كوريا الشمالية.
وكانت إسرائيل قد أقامت من قبل محطة رادار على جبل بالمنطقة يفوق ارتفاعه ألفين ومائتي متر.
الوضع كما هو عليه
كل هذا التوتر المستمر منذ ستين عاما إلى جانب الأهمية الاستراتيجية التي تكتسيها الهضبة بالنسبة للطرفين إضافة إلى عوامل إقليمية و سياسية، باعد من موقفي سوريا وإسرائيل بخصوص حل هذا الصراع.

مفاوضات سورية وإسرائيل: حظوظ النجاح ومكامن الفشل _44679211_golan00

تكتسي هضبة الجولان أهمية استراتيجية وأمنية للجانبين

ففي عام 1993 و في غمرة التفاؤل الذي أشاعه التوقيع على اتفاقات أوسلو، تعهد رئيس وزراء إسرائيل الراحل إسحاق رابين بإعادة الهضبة إلى سوريا نظير اتفاق سلام مقبول.
وهنا بيت القصيد: مضمون اتفاق سلام من هذا القبيل.
فبعد جمود المسار السوري من مباحثات السلام الذي دام 7 سنوات، احتضنت الولايات المتحدة في بداية عام 2000 بمدينة شبرد تاون مباحثات سورية إسرائيلية آلت إلى الفشل بسبب خلافات عميقة حول الانسحاب الإسرائيلي المطلوب ومسألة تطبيع العلاقات والضمانات الأمنية.
وبعد حرب صيف 2006 بلبنان بدأت سوريا تعيد تقييمها للمفاوضات مع إسرائيل، غير أن المراقبين يرون أنها تسعى إلى اتفاق يضمن لها عودة الأرض وامتيازات اقتصادية وتعزيز دورها في المنطقة خصوصا بعد العزلة النسبية التي تعاني منها بسبب علاقاتها بإيران وبسبب نفوذها في لبنان واحتضانها لعدد من المنظمات الفلسطينية التي لا تصادف هوى في نفوس الغرب كحماس والجهاد الإسلامي.
ومن المفارقات الراهنة للمحادثات السورية الإسرائيلية تكمن في أن الدافع إليها في إسرائيل قد يكون أحد عوامل فشلها.
فقد "كشف" عنها رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت في وقت يرزح فيه تحت عبء فضيحة مالية، ويعاني من تبعات حرب صيف 2006.
والكثير من المحللين يعتقدون أنه لا يملك الوسيلة لتحقيق "طموحه"، فبغض النظر عن المعارضة السياسية التي تتأهب للانقضاض عليه، لايزال الرأي العام الإسرائيلي فاترا فيما يتعلق بتسليم هضبة الجولان لب الصراع الإسرائيلي السوري.

أوكِ ..... مشكورة ســـــــــــارة .

اهلا حبببي شرفت